هكذا علمتني الحياة.. من اسرار النجاح..
كتب محمود الدباس..
قد يكون ما سأتناوله في هذه العجالة نوع من انواع عكس المفاهيم.. او مخالف بعض الشيء لما نهوى ونحب.. ولكننا نعيش في بيئة تغيرت فيها الكثير من المباديء والقيم.. فعلينا ان نتكيف مع ما نحن عليه.. مع حفاظنا على قناعاتنا ومبادئنا السامية..
ولأننا نعيش في واقع عملي واجتماعي غلبت عليه المصالح الخاصة.. ولا يأبه فيه الكثيرون بالمصلحة العامة.. واصبح الشك و “الاسفنة” والكيد والتناحر والمنافسة غير الشريفة هي الاساس في الاستمرار.. فما بال الانقياء والمخلصين والمهنيين بان يتعاملوا مع الواقع دون الانخراط والانغماس في هذه المستنقعات والبيئات النتنة والعفنة؟!..
ساسرد بعضا مما يواجهنا في حياتنا العملية والاجتماعية.. وبعض النصائح التي تعلمتها من جيبي الخاص ومن جهدي.. وحافظت من خلالها على ذاتي وسمعتي واحترامي لنفسي وللاخرين.. وقطعت بها اي محاولة للنيل مني ومن مكانتي.. فغادرت اماكن عملي المختلفة على صورة واحدة.. ومسافة مهنية واحدة مع الجميع..
اجعل لنفسك قالبا تعامليا.. وهوية شخصية في اي بيئة تكون فيها..
فعلى سبيل المثال داخل اروقة واسوار العمل.. فليكن لك صيغة تعامل موحدة مع الجميع.. فان كنت ممن تطرح التحية.. فلتكن نفس التحية للجميع.. حتى لا يدخل الظن السيء في نفس وفكر اي زميل او زميلة.. فلماذا رَد على فلان بصباح الخير.. وانا قال لي السلام عليكم؟!..
ولماذا يتبسم في وجه فلان او فلانة.. ويتعامل معنا نحن برسمية؟!.. ولماذا يسأل عن احوال وصحة زميلنا او زميلتنا.. بينما لا يأبه بأحوالنا وصحتنا؟!.. ولماذا يقبل ان يختلي مع فلان او فلانة في مكان منعزل لعمل او لغيره.. ولا يتحدث او يعمل معنا الا في اماكن مفتوحة او على شكل مجموعة؟!.. ولماذا يقبل اتصالات ورسائل خارج اوقات الدوام من فلان او فلانة.. ولا يتقبلها منا؟!.. ولماذا يبعث ويرد بطاقات التهاني لفلان او فلانة.. ولا يكلف خاطره بارسالها لنا او الرد علينا؟!.. ولماذا ولماذا؟!..
وكن على يقين بان اي شيء تقوم به مع شخص بعينه او مع البعض.. دون الجميع او الغالبية.. لا بد وان يتداوله جميع مَن هم حولك آجلا ام عاجلا.. ويكون اداة وسهاما يتم توجيهها اليك في الوقت الذي لا تتوقعه..
واما مصيبة المصائب.. فلا تتعامل مع مديرك بشكل غير رسمي.. فكم سمعنا ونسمع هذه العبارة “فلان / فلانة محسوب على المسؤول الفلاني.. او على علاقة مشبوهة”.. وكم اضاعت هذه النظرة والجملة حقوقا.. وكم اخرت انجازات.. وكم ساهمت في تأخير او تباطئ دوران عجلة النمو والتقدم في مؤسسات؟!..
فعندما تكون الدولة ومؤسساتها تدار بغير عمل ومنهج مؤسسي.. وتكون العلاقات الشخصية والمزاجية والظنون والشكوك هي الحكم على الانجاز.. وهي المقياس الذي يتم على اساسه تقييم الاداء واتخاذ القرارات.. عندها يكون الفشل هو النتيجة الحتمية..
لا يخفى على الكثيرين انه عند قدوم مسؤول جديد.. يبدأ مباشرة بتغيير الطاقم المحيط به.. وذلك لقناعته ولإقناعه مِن قبل المشككين.. بانهم محسوبين على الادارة السابقة.. وتربطهم علاقات شخصية.. وانهم سيحاولون افشال الجديد من اجل عيون القديم..
وهنا للاسف لا ينظر هذا المسؤول الى مدى خبرة ومهنية هذا الطاقم ومعرفته بخفايا الامور.. ولا يكلف خاطره بان يستفيد من خبراتهم.. وانما يكون همه وشغله الشاغل هو التخلص منهم..
يقول احد الاصدقاء الذين اصطلوا بنيران الاحتساب على المدراء.. ما هو ذنبي انني على تماس مباشر مع المدير؟!.. اليس المنطق بان اتعامل مع مديري والاخذ بقراراته وتنفيذها حسب الاصول؟!.. ام يجب علي ان اكون مناكفا له وغير مهني.. حتى يقتنع الجميع بانني لست من شلته او المحسوبين عليه؟!..
وفي سياق العمل.. كم اتمنى ان نصل الى وضع يكون تغيير المسؤولين مشروطا بعدم تغيير طواقمهم المحيطة بهم بغير سبب. وان تكون المهنية والخبرة هي الفيصل في ابقائهم او نقلهم او حتى التخلص منهم.. وليعلم المسؤول الذي يفعل هكذا دون سبب.. بان من يقبرهم اليه.. سيتم التخلص منهم مباشرة بعد ان يغادر مكانه..
وحتى على المستوى الاجتماعي.. ماذا يضيرك ان تفصل بين علاقاتك الخاصة مع بعض الاقارب او المحيطين بك.. وبين العلاقة العامة التي تربطك بهم اجمعين؟!.. فكلهم سواء وعلى نفس الدرجة من التعامل في المحافل العامة.. واذا ما كنت في خاصتك او معزلك.. فلتتصرف مع من اخترتهم بالشكل الذي تريد!!!..
وفي الختام اقول.. ان كنتُ في جلسة وبدأ الحديث بالظن وبغير دليل عن احد غائب.. وليس لهدف الاصلاح او اخذ الحيطة والحذر منه.. فعادتي الانسحاب والمغادرة.. واعلم ان كل إيماءة او ابتسامة محسوبة عليك ومنقولة.. فما بالنا بالكلمة؟!.. فما اجمل الابتعاد عن الانتقاد والتجريح.. وعليك بالنصيحة والنقد اللطيف في الوجه مباشرة..
ابو الليث..